شئ للوطن
م.صلاح غريبة
القراءة بين شباب الجالية السودانية في مصر، رهان على المستقبل
مصر، مهد الحضارة العربية، حاضنة للثقافة والمعرفة، بلاد تزخر بالمكتبات العريقة والكتب المتنوعة، تشكل بيئة مثالية لتنمية ثقافة القراءة بين شباب الجالية السودانية، ومكتباتها ثروةٌ ثقافيةٌ غنيةٌ في متناول الجميع، أبوابٌ مفتوحةٌ على عوالم المعرفة، لكنّ واقع الاستفادة من هذه الثروة بين شباب الجالية محبطٌ إلى حدٍّ ما، قلةٌ من شبابنا يرتادون المكتبات العامة، ممّا يُنذر بتراجعٍ مُقلقٍ في ثقافة القراءة، ومنها مكتبة مصر العامة واشتراكها لا يتطلب سوى صورة الجواز وصورة شخصية ومبلغ لا يزيد عن 40 جنيه مصري سنويا، مقابل استعارة حتى خمسة كتب وتسهيلات في إعادتها والاستفادة من نشاطات المكتبة من خلال موقعها الرئيسي في الدقي على الكورنيش أو فروعها المنتشرة.
يعد غرس حبّ القراءة في نفوس أطفالنا منذ الصغر مسؤوليةً جماعيةً تقع على عاتق الأسرة والمجتمع. فالاطفال هم بناة المستقبل، وحرصنا على تنمية مهاراتهم القرائية يُضمن لهم مستقبلًا واعدًا، فأقبال أطفالنا على القراءة من مهامها وخاصة الوالدين، واقتطع جزء من مصاريف المنزل لشراء كتاب أو مجلة اطفال.
يواجه شباب الجالية معضلةً أخرى، صعوبة الحصول على الكتب، فارتفاع أسعار الكتب الورقية يشكل عائقًا أمام الكثيرين، بينما لا تزال الكتب الإلكترونية محدودة الانتشار، خاصةً بين فئة الشباب ذوي الدخل المحدود، وهنا يناط بالجمعيات والمنظمات السودانية في مصر لعب دورٌ محوريٌّ في تشجيع القراءة بين شباب الجالية، فمن خلال توفير المكتبات وتسهيل الحصول على الكتب وابتكار مبادرات وبرامج قراءة واطلاع، يمكننا خلق بيئةٍ ثقافيةٍ غنيةٍ تُحفّز شبابنا على القراءة وتُسهم في تنمية مهاراتهم وتعزيز ثقافتهم.
مستقبلٌ واعدٌ وتحدياتٌ تواجهه:
مستقبل القراءة بين شباب الجالية السودانية في مصر وعدٌ بمستقبلٍ واعدٍ، لكنّه يواجه العديد من التحديات، ومنها ضعف ثقافة القراءة وقلة الوعي بأهمية القراءة وفوائدها، مع صعوبة الحصول على الكتب وارتفاع أسعار الكتب الورقية وندرة الكتب الإلكترونية، وانشغال الشباب بالوسائل الإلكترونية، لقضاء وقتٍ طويلٍ على مواقع التواصل الاجتماعي والألعاب الإلكترونية على حساب القراءة.
لتحقيق أهدافنا في تعزيز شغف القراءة، يجب علينا التعاون بشكلٍ جماعيٍّ لمواجهة هذه التحديات، بنشر الوعي بأهمية القراءة، من خلال حملات توعوية تستهدف مختلف فئات المجتمع، ودعم المكتبات المنزلية ومكتبات الجمعيات والمنظمات والدور السودانية، بتوفير المزيد منها وتجهيزها بإمكانياتٍ حديثةٍ وتوفير الكتب وتشجيع الاستعارة، وابتكار مبادراتٍ وبرامجٍ قرائيةٍ بتنظيم مسابقاتٍ وجوائزٍ وتشجيع القراءة الجماعية، واستخدام الوسائل الإلكترونية بإنشاء مكتباتٍ إلكترونيةٍ وتطبيقاتٍ تفاعليةٍ لتسهيل الوصول إلى الكتب.
القراءة بوابةٌ إلى المعرفة وسبيلٌ إلى التقدم، فلنعمل معًا لغرس حبّ القراءة في نفوس شباب الجالية ونُسهم في بناء مستقبلٍ واعدٍ لهم وللوطن.