شئ للوطن
م.صلاح غريبة
ذكرى الإبادة الجماعية في رواندا: التجارب والعبر
اليوم السابع من ابريل، يومٌ غائرٌ في ذاكرة التاريخ الإنساني، يحيي فيه العالم ذكرى الإبادة الجماعية التي وقعت عام 1994 ضد التوتسي في رواندا، تلك الفاجعة التي راح ضحيتها أكثر من مليون شخص خلال 100 يوم فقط من خلال التجارب الأليمة والتقسيم العرقي، حيث عاشت رواندا لسنوات تحت وطأة الانقسامات العرقية بين الهوتو والتوتسي، حيث غذّى المتطرفون من الجانبين الكراهية والعداء، ممّا أدى إلى تفاقم الصراع، وانطلقت الكراهية المُنظّمة وتمّ التخطيط للإبادة الجماعية بدقة، ونُفّذت بوحشية من قبل ميليشيات الهوتو المتطرفة، مستخدمةً كلّ الوسائل لإبادة التوتسي، مع الصمت الدولي وفشل المجتمع الدولي في التدخل لمنع هذه الفاجعة، ممّا سمح للقتلة بمواصلة جرائمهم دون رادع.
ويعتبر التسامح من أهم العبر المستفادة في التجربة الراوندية، ويجب تعزيز ثقافة التسامح والاحترام المتبادل بين مختلف المجموعات العرقية والدينية لمنع تكرار مثل هذه المآسي ويجب على المجتمع الدولي التحرك بشكلٍ حاسم لمنع وقوع جرائم الإبادة الجماعية، وعدم التهاون مع أيّ بوادر للصراعات العرقية أو الدينية ؤمن المهم نشر الوعي حول مخاطر الكراهية والتعصب، وتعزيز ثقافة السلام والعدالة.
ومن أجل التطلع إلى المستقبل لابد من التعافي والمصالحة، حيث سعت رواندا جاهدةً للتعافي من جراح الماضي، وتعزيز المصالحة بين مختلف مكوناتها، مع ضرورة العدالة للضحايا، ولا تزال الجهود مستمرة لمحاكمة المسؤولين عن الإبادة الجماعية، وتحقيق العدالة للضحايا وعائلاتهم، والاحتراز ومنع تكرار المأساة، حيث تبذل الأمم المتحدة والمجتمع الدولي جهودًا لمنع تكرار مثل هذه الفظائع، من خلال نشر ثقافة السلام وحماية حقوق الإنسان.
يُعدّ اليوم الدولي للتفكر في الإبادة الجماعية ضد التوتسي في رواندا فرصةً للتأمل في الماضي، واستخلاص العبر من تجاربه الأليمة، وتعزيز التزامنا ببناء مستقبلٍ خالٍ من الكراهية والعنف.
حققت رواندا تقدمًا ملحوظًا في إعادة الإعمار والتطوير. تمّ إعادة بناء البنية التحتية، وازدادت مستويات المعيشة، وتمّ إحراز تقدم كبير في مجال المصالحة والتعايش بين الهوتو والتوتسي.
من الصعب الجزم ما إذا كانت تجربة الحرب الحالية في السودان ستقود لنتائج مشابهة لتجربة رواندا بعد انتهاء الحرب. تختلف الظروف في السودان عن تلك التي كانت في رواندا، كما أنّ طبيعة الصراع في السودان أكثر تعقيدًا، ولكن الأمر يتطلب السعي لرتق النسيج المجتمعي ووضع أسس للمصالحة المجتمعية وتذويب خطاب الكراهية وبذل الجهد في التصالح والتوافق والتسامح، والرجوع للقيم الإنسانية والاخلاقية، القيم الإسلامية السمحة والسودانية المتفردة.