شئ للوطن
م.صلاح غريبة – مصر
إعلان بورتسودان نحو إعلام سوداني واعٍ ومؤثر
شهدت مدينة بورتسودان مؤخرًا ختام ورشة عمل هامة ناقشت قضايا الإعلام في السودان، وتُوّجت بِإصدار “إعلان بورتسودان” الذي تضمن جملة من التوصيات الاستراتيجية لتطوير المشهد الإعلامي السوداني.
يأتي هذا الإعلان في ظلّ ظروف استثنائية يمرّ بها السودان، تتطلب إعلامًا واعيًا ومؤثرًا قادرًا على مواكبة التحديات الداخلية والخارجية، والمساهمة في بناء مستقبل أفضل للبلاد.
أبرز توصيات إعلان بورتسودان، التأكيد على دعم القوات المسلحة في حرب الكرامة، ويُجسّد هذا البند روح الوطنية والتكاتف بين جميع أطياف الشعب السوداني، ويؤكد على دور الإعلام في حشد الدعم الشعبي للقوات المسلحة في معركتها للدفاع عن الوطن، ولكن، لا ينبغي أن يُستخدم الإعلام كأداة دعاية حربية بحتة، بل يجب عليه أن يُوازن بين دعمه للقوات المسلحة ونقله للمعلومات بشكل موضوعي وشفاف، مع مراعاة مشاعر أهالي ضحايا الحرب.
تُعدّ صياغة استراتيجية إعلامية جديدة ضرورية لمواكبة التطورات المتسارعة في عالم الإعلام، وتلبية احتياجات الجمهور السوداني بشكل أفضل، وتعزيز مكانة السودان على الصعيد الدولي.
ولكن، لا يجب أن تكون هذه الاستراتيجية مُنْزَلَةً من أعلى، بل يجب أن تُشارك في صياغتها مختلف أطياف المجتمع الإعلامي، بما في ذلك الصحفيون والإعلاميون والخبراء والمجتمع المدني، لضمان تمثيل جميع وجهات النظر واحتياجات الجمهور، مع توسيع المنظومة القانونية للصحافة والإعلام، ليُساهم توسيع المنظومة القانونية في ضمان حرية الصحافة والتعبير، وتعزيز مهنية الإعلام، وحماية حقوق الصحفيين، وخلق بيئة إعلامية صحية تُساهم في تنمية المجتمع، ولكن، يجب أن تُراعي هذه المنظومة القانونية التوازن بين حرية التعبير وحقوق الأفراد، وتُحاسب المخالفين بشكل عادل، وتُحمي الصحفيين من التهديدات والمضايقات.
رعاية الدولة للإعلام الرقمي، الذي يُعدّ أحد أهم وسائل الإعلام في العصر الحالي، لذا من الضروري أن تولي الدولة اهتمامًا خاصًا برعايته وتطويره، وتوفير الإمكانيات اللازمة لِمواكبته، ليكون أداة فعّالة للتواصل مع الجمهور، ووسيلة لِنشر الوعي والمعرفة، ولكن، يجب أن تُرافق هذه الرعاية خطوات لضمان جودة المحتوى الرقمي، ومكافحة المعلومات المضللة، وتعزيز التربية الإعلامية الرقمية لدى الجمهور، مع المطالبة بقانون للإعلام الرقمي، ليُساهم في تنظيم عمل هذه الوسائل الإعلامية، وضمان احترامها للقيم والمبادئ الأخلاقية، وحماية حقوق المستخدمين، وتعزيز الثقة في الفضاء الرقمي، ولكن، يجب أن يكون هذا القانون مرنًا وقابلًا للتطوير، وأن يُراعي خصوصية المستخدمين، ويُحمي البيانات الشخصية، ويُتيح مساحة للابتكار والإبداع.
يجب على الإعلام السوداني أن يتحمل مسؤولية إيصال الرؤية السودانية للعالم، وتعزيز مكانة السودان على الصعيد الدولي، والترويج ثقافته وحضارته، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وتحسين صورة السودان في الخارج، ولكن، يجب أن يتم ذلك بطريقة احترافية وذكيّة، تُراعي ثقافات الدول الأخرى، وتُقدم صورة إيجابية عن السودان، وتُساهم في بناء علاقات قوية مع مختلف دول العالم.
من الضروري إجراء تقويم شامل لصناعة الإعلام في السودان، وتحديد نقاط القوة والضعف، والفرص والتحديات، من أجل تطويرها بشكل مستمر، ورفع كفاءة الإعلاميين والعمل على استشراف المستقبل تجاوبا بين تحديات الإعلام وتحديثاتها وبين احتياجات المجتمع السوداني والمواطن السوداني.