هاني.. مهندس العلاقات
اسامه عبد الماجد
¤ بقدر توقعاتي ان السفير المصري لدى السودان هاني صلاح، ملما بكافة التفاصيل، لم يدر بخلدى ان تكون الى درجة معرفته بالتجاذبات داخل اتحاد كرة القدم السوداني.. ومتابعته لمعسكر المريخ بمدينة الاسماعيلية والمباريات الودية التي خاضها ونتائجها، واستعدادات منتخبنا القومي.. وكذلك اختيار الزميل النابه السر القصاص رئيسا لرابطة الصحافة الالكترونية.
¤ كل تلك التفاصيل الدقيقة سردها السفير هاني في حفل الاستقبال والمأدبة التي نظمها على شرف الزملاء السودانيين القادمين من القاهرة الى مدينة بورتسودان لحضور ورشة اعلامية ضخمة ينظمها الحبيب الاستاذ جمال عنقره عبر مركزه الاعلامي ذائع الصيت والذي يحمل اسم عائلته ذات السهم الوطني والنضالي المعروف.. اهتمام هاني بالتفاصيل واريحيته جعلته يقول للزملاء القادمين من القاهرة مرحبا بكم في بلدكم الثاني.
¤ وبالمقابل ظللت أشعر ان السودان، البلد الثاني لهاني.. والذي تسلم مهام عمله قبيل تمرد حميدتي واشعاله الحرب بنحو شهرين.. ومع ذلك ظل باقياً في السودان.. وغادر الخرطوم بعد عشرين يوما من الحرب الى بورتسودان.. كان بامكانه حزم حقائبه مثل كثير من السفراء الذين غادروا وادارت لنا بلادهم ظهرها.. وبعضها تأمر علينا و(نسى العشرة).
¤ قد يقول قائل ان بقاء السفير صلاح بناء على توجيه من قيادة بلاده.. او لأن مايجري في السودان يمس الامن القومي لمصر، وهذا صحيح.. ولكن مؤكد ان الاصرار على البقاء لعب فيه السفير دورا كبيرا وبناء على تقاريره.. ودلاله على أهتمامه بالسودان.. كما الاهتمام المتعاظم من بلاده بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي بالاوضاع في السودان وبالجالية السودانية في انحاء مصر والتي تحظى بتقدير واحترام كبيرين.
¤ كشف هاني في كلمته الضافية وصول (600) الف سوداني الى مصر مرحبا بهم منذ الحرب وقال : (لو علينا كان شلنا 6 مليون سوداني لكن تعلموا الظروف التي تمر بها مصر).. واشار الى المساعدات عبر الجسر الجوي الذي مدته القاهرة مع بورتسودان.. وشدد على انه واجب وليست مساعدات.. اعجبني رده على العتاب الذي نقله له الاخ الزميل يوسف عبد المنان والذي قدر ان الدور المصري تجاة الحرب ليس بالحجم المطلوب.. وكان عتابا من باب المحبة والعشم في مصر.
¤ تقبل السفير حديث يوسف بكل اريحية.. وذكر الزملاء بقمة دول الجوار التي احتضتها القاهرة بشان السودان بعد اربعة اشهر فقط من اندلاع الحرب.. والحق يقال كانت ولاتزال افضل مبادرة لسببين انها اكدت على سيادة السودان واهمية وحدته وعدم التدخل في شؤونه الداخلية.. وهي القمة التي شهدها كل رؤساء دول الجوار السوداني.. ونبه الى وجود معظم الفرقاء السياسيين من السودانيين على ارض بلادهم في اشارة الى ان مصر للجمبع..
¤ اعجبت جدا بحديث السفير وكأنه يحفظ مثلنا الشائع (اسمع كلام الببكيك).. عندما استأذن بان يتحدث بصراحة.. وجه صوت لوم للاعلام السوداني عندما طالبه ان يدافع بشراسة عن السودان.. وقال (الغرب مش فاهم ايه اللي بيحصل في السودان.. لن ننجح مالم نبلغ العالم مايجري في السودان) واضاف: (نحن في وضع استثنائي محتاجين اجراءات استثنائية.. لا ارى حديث باللغة الفرنسية ولا بقية اللغات.. لانه لما تكون عندنا مشكلة لازم نسمع من يتحدث من الخارج.. ويجب ان نتحدث الى من هم في الخارج.. ولا ننكفئ على الداخل).. وبصراحه هي رسالة في بريد وزارتي الخارجية والاعلام قبل الزملاء.
¤ لم تفارق الابتسامة – والتي لم تكن مصنوعة – وجه السفير هاني.. الا أنه حل محلها كثير من الجدية.. عندما بدأ يقول: ” ان مصر تقوم بادوار معلنة وغير معلنة بشأن السودان.. وذلك لحساسية الاوضاع التي يمر بها السودان “.. وتتحرك باصرار شديد وبشكل يومي، واستدرك : ” مش معنى انكم مش شايفين الدور المصري بشكل واضح لكن بالعكس موجود وبقوة في كل المحاور وسيستمر.. ولو شفتوا حجم الضغوط والاتصالات لتيقنتوا بالدور الكبير الذي تقوم به، وليس كل مايعرف يقال “.. وبدأ صارما وهو يقول ” الأزمة تحتاج حكمة شديدة.. لأن أطرافها كتيرة وفيها ابعاد وخلفيات، ويجب ان نتعامل بحذر – قالها بالانجليزية.
¤ بدأ لي هاني وهو يطالب الحضور بتفهم موقفهم ” بلدي تمشي على خيط رفيع والازمات محيطة بها من ليبيا وغزة والسودان.. وبدأ مطمئنا من وقف الحرب.. لكنه ابدى قلقه على المستقبل وطرح تساؤلا، (ح تعملوا ايه بعد الحرب، من سيبني السودان وكيف ؟!. وعاد وبدأ عليه التفاؤل ” اعتقد ان السودان سيفاجئنا” واستحضر مثل بلاده (اللي يتخاف منه مايجيش احسن منه).
¤ كان حديث هاني مطمئنا للغاية بان مصر لن تتخلى عن السودان.. وهو المنتظر منها، وكذلك في اعمار وبناء السودان ، وبالمناسبة هو مهندس.. وبدأ معتزا بتخصصه العلمي، عندما اثنى على كلمة الصحفية المهندسة اميمة عبد الله وخاطبها (المهندسين احسن ناس.. نحن اللي بنبي العالم).
¤ ابدى هاني دهشته من ان الشعب السوداني يلعب (كورة) ويكسب ويقاتل ووصفه بالشعب العجيب.. قلت له وانا اشكره على مبادرته قبل حكومة بلادنا، تغني الفنانه ندى القلعة (دا شعب صعب ثورجي بادب.. الا انه جميل الا طبعه كعب، سلام تعظيم احترامه وجب).. علق وهو يضحك (متابعها متابعها).
¤ ومهما يكن من امر.. (دا) سفير عجيب